ما زال الأسير المحرر الطبيب أمجد قبها يتلمس التغيرات التي حدثت في محيطه الاجتماعي بعد (18 عاما) قضاها
في سجون الاحتلال، وبالرغم من أنه سمع عنها، إلا أنها ما زالت أكبر من التخيل.
وغادر قبها بلدته برطعة الشرقية وهي متصلة جغرافيا مع مدينة جنين؛ ليخرج يوم 2 يوليو/ تموز الجاري ويجدها
معزولة خلف جدار الفصل العنصري، ولا يستطيع الدخول إليها إلا من بوابات عسكرية ومسارب متعددة وتصاريح
خاصة.
لكن التغير الأهم كان في بنية أسرته؛ إذ ترك زوجته حاملا بابنته تسنيم، وخرج وهو ينتظر معها نتيجة الثانوية العامة
في 11 يوليو/ تموز الجاري.
ويستذكر قبها، الذي كان يعمل حتى اعتقاله طبيبًا في مستشفى الرازي في مدينة جنين، خلال حواره مع وكالة
“صفا”، والده الذي رحل خلال اعتقاله، ووالدته التي قابلها طريحة الفراش من المرض، وهي التي لم تكن تتمكن من
زيارته؛ “فكان لقاءً أكبر من أن يوصف”.
وعُرف قبها داخل سجون الاحتلال بلقب “الدكتور”، إذ نادرًا ما تجد طبيبا يقضي فترة طويلة داخل سجون الاحتلال،
مما جعله معروفًا بين المعتقلين ومرجعًا طبيًا لهم.
ويقول قبها لوكالة “صفا” إن ذلك تسبب له بكثير من المشاكل مع مصلحة سجون الاحتلال؛ فالأسرى كانوا
يستشيرونه طبيًا ويثقون به، بخلاف طبيب مصلحة السجون، الذي يُعد أحد عناصر الاحتلال في نهاية المطاف.
ويضيف “هذا الأمر أغاظ عيادة السجن أكثر من مرة، حتى أن طبيب السجن في شطة وجلبوع، تسبب بقمعي ثلاث
مرات بعد توصية ضدي لأنني أتدخل في قضايا طبية لصالح الأسرى، دون أي احترام لدرجتي العلمية”.
واقع السجون
وبشأن واقع السجون في ظل فيروس كورونا، يؤكد قبها أن “مصلحة السجون لم تقدم أي شيء للأسرى، لكن أبناء
شعبنا في المعتقلات ابتدعوا وسائل ذاتية كعادتهم في التعامل مع التحديات من أجل وقاية أنفسهم”.
ويلفت “الدكتور” إلى أن الاحتلال يُجري فحوصًا طبية للكشف عن فيروس كورونا لممثلي الأسرى فقط، الذين
يحتكون مع ضباط السجن، أما باقي الأسرى فلم يقدم لهم شيئًا.
ويؤكد قبها أن الواقع الصحي في السجون سيء للغاية، مقدرًا أن رُبع الأسرى يُعانون من أمراض مزمنة.
ويقول: “في القسم الذي كنت به أُجري فحص طبي شامل لـ18 أسيرًا؛ تبين أن ثمانية منهم مصابون بأمراض مزمنة
من ضغط وسكري وغيره، ولكن الواقع الأسوأ هو للأسرى المرضى بالسرطان وغيره من الأمراض الفتاكة ممن
يتعرضون للموت البطيء”.
واستشهد أمس الأسير سعدي الغرابلي (75 عامًا) المريض بالسرطان، بسبب سياسية الإهمال الطبي داخل سجون
الاحتلال؛ ليرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 224 منذ عام 1976.
ويكشف قبها عن أن الأسرى بصدد التحضير لخطوات تصعيدية في الفترة المقبلة، ويجرون حاليًا مشاورات مع
مصلحة السجون حول استعادة الإنجازات المسلوبة من الزيارات والكانتينا والتصوير وعناق الأطفال وغيرها، “وفي
حال لم يتم الالتزام فإن التصعيد مقبل”.
ويشدد على أن “مصلحة السجون تحولت في العامين الأخيرين إلى مرسال بين الأسرى ووزارة الأمن الداخلي، التي
أصبحت تدير السجون بشكل فعلي، وهو ما انعكس بشكل سيء للغاية على الأسرى”.
زيارة الرجوب
وحول زيارة أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب له بعد اعتداء الأمن على موكب استقباله في
جنين، يشير قبها إلى أن اللقاء “حمل مضامين الوحدة الوطنية، والدعوة للمبادرة من أجل أن تتعمق المصالحة على
الأرض”.
ويؤكد قبها ضرورة استكمال مشوار الوحدة، “لأن القضية الفلسطينية لا يمكن لها أن تجتاز ما يحاك ضدها دونه”.
ويطالب المحرر قبها بإعادة قضية الأسرى إلى الواجهة، في ظل ما يعانوه من تنكيل واستفراد من الاحتلال
الإسرائيلي، والارتفاع المستمر في أعداد شهداء الحركة الأسيرة.

