عبّر عدد من الموظفين المُحالين إلى التقاعد المبكر، عن غضبهم الشديد من قرار تقاعدهم الذي اعتبروه (غير منصف)، حيث وفق ما قالوا ، فإنه تم حرمانهم من 30% من الراتب الأساسي، وأيضًا لم يحصلوا على استحقاقات الرتب الجديدة، والتي حصلوا عليها طوال 11 عامًا، هي فترة الانقسام الفلسطيني.
ومؤخرًا، بدأ الموظفون العسكريون المُحالون للتقاعد المبكر، إجراءات التقاعد بشكل رسمي، عبر تثبيت أسمائهم في سجلات هيئة التقاعد الفلسطينية، والبدء في تسلم الرواتب التقاعدية ونسبتها 70% من الراتب الأساسي.
كما وأعلن عارف أبو جراد نقيب الموظفين العموميين، أنه تم إحالة 2000 موظف من العاملين في المنظمات الشعبية، إلى التقاعد المبكر الذي أقره مجلس الوزراء.
وأضاف أبو جراد : أن المُحالين إلى التقاعد، هم أبناء منظمة التحرير الفلسطينية، كـ(اتحاد المرأة، واتحاد العمال، واتحاد الفلاحين).
أحد الموظفين العسكريين الذي استلموا وثيقة التقاعد، قال: إن ما استغربه في قرار إحالته للتقاعد هو أنه يبلغ من العمر فقط 35 عامًا، ويرى في نفسه القدرة على العطاء لسنوات تضاعف سنه الحالي.
وأوضح، أن اعتماد التقاعد المبكر هو إجراء غير قانوني، وتم (إجباريًا) وليس كما قيل سابقًا إن الموظف سيُخيّر ما بين الاستمرارية في الجهاز العسكري أو التقاعد المبكر براتب 70%.
موظف أخر، أكد أنه له استحقاق رتبة لم يحصل عليها، مطالبًا بعد اقرار التقاعد أن يحصل على تلك الرتبة التي متوقفة منذ سنوات، وعندئذ سيوافق على التقاعد لأنه وفق تعبيره، لو حصل على الرتبة الجديدة ستؤثر ايجابًا على راتبه التقاعدي.
وبيّن أن متطلبات الحياة، ستجعله يحاول أن يُزاحم الأخرين على فرص العمل، لأن نسبة 70% غير منصفة، على حد تعبيره، في ظل الأوضاع الراهنة، وما يعانيه قطاع غزة من أزمات وغلاء للمعيشة.
صندوق الانتخابات
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة، قال: لأن معظم المُحالين إلى التقاعد هم من المُنتمين إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، يوجد هناك حالة غضب مضاعفة، تجاه قيادة الحركة، فهؤلاء تساءلوا لماذا بدلًا من المكافأة يتم إحالتهم للتقاعد المبكر، رغم أنهم في مرحلة الشباب ولديهم القدرة على العطاء.
وأضاف أبو سعدة: الأكثر غرابة، أن هؤلاء المتقاعدون التزموا بقرار القيادة الفلسطينية، ابان فترة حكم حركة حماس لقطاع غزة، ولم يداموا والتزموا بيوتهم، وهذا ما أوجد لديهم بُغض كبير تجاه قيادتهم، كما أن ما حدث يضر حركة فتح في أي انتخابات ممكن أن تُقام لاحقًا، لأن شريحة الموظفين هي شريحة فعالة في أي صندوق انتخابي.
لا وظائف في السوق
أما معين رجب أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، فقد قال: إن التقاعد عادة ما يكون في سن الكبار (البالغين أكثر من 60 عامًا)، وينفذ التقاعد (المبكر) فقط وفق رغبة الموظف الصغير سنًا، أي عندما يطلب الموظف بأن يتقاعد يتم له ما أراد، وليس أن يكون اجبارياً.
وأشار إلى أن الموظفين العموميين (سابقًا)، سيضطروا أن يبحثوا عن وظائف جديدة، في وقت تتضاءل فيه فرص العمل، ويوجد الالاف من المُتعطلين عن العمل، وطوابير كبيرة من البطالة، مضيفًا: اذًا هؤلاء أمامهم صعوبات جمّة وليس بالأمر السهل، إيجاد وظائف خصوصًا وأن ما سيتقاضونه سيبقى ضئيلًا، أمام متطلبات الحياة في فلسطين.
وتابع رجب: الموظفون المستمرون في أعمالهم سيشعرون بالقلق هم أيضًا، من إمكانية إحالتهم للتقاعد في أي وقت وسيلمسوا كذلك عدم وجود الأمان الوظيفي، وبالتالي ذلك سينعكس سلبًا على أدائهم.
ونصح رجب، الموظف المتقاعد بأن يبدأ حياة جديدة والانخراط في سوق العمل فوفق تعبيره “السوق رغم ضيقه، لكن يبقى مُتاحًا أمام من يحشد امكانياته ووقته وخبراته ويواجه هذه المرحلة الصعبة”.
دفن الخبرات والكفاءات
بدوره، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى درداح الشاعر، أكد أن الموظف عندما يلتحق في سلك الحكومة، يعلم بموجب عقده مع الحكومة أن سن التقاعد هو 60 عامًا، لأن الإنسان عندئذ يكون قد وصل إلى مستوى من الضعف البدني والمهني والعقلي والنفسي والاجتماعي، لا يمكنه من مواصلة المهنة، وبالتالي سيجلس في بيته بعد أن استوفى كافة الفرص، وتحصل على الخبرة، ومنح هذه الخبرة لمن خلفه.
وأضاف الشاعر : 60 عامًا هو رقم دولي معمول به في كل العالم، وهناك بعض البلدان يعمل فيها الموظف لنهاية العمر، كالجامعات التي تضع سن 65 عامًا للتقاعد، لكن يبقى هذا الشخص يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراة، بعد الـ 65.
وذكر أنه، اذا كان التقاعد قبل هذا العمر، وتحديدًا في الأربعينات هذا يصنف على أنه سن الشباب والعطاء والنضج واتقان المهنة العمومية، لذا ثقافته تكون في ازدهار، معتبرًا أنه فرض التقاعد يمثل اهدارًا للطاقات والخبرات، فعندما يجلس هذا الشخص في بيته أشبه بدفنه هو وخبرته ومؤهلاته التي لن يستفاد منها، والدولة بأمس الحاجة لتلك الكوادر.
وحذر الشاعر من ازدياد رقعة البطالة في المجتمع الفلسطيني من خلال المتقاعدين، ليضاف أولئك إلى طابور المتعطلين عن العمل، لكن هذه البطالة وفق تعبيره، ليست من سن 16 إلى 25 عامًا كما هو معروف، بل بطالة من سن 40 إلى 60 عامًا، والحقيقة هذا هو المرعب من فرض التقاعد المبكر.


