اهمية زيارة الرئيس لفرنسا.
الدكتور عادل عامر
تعتبر زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لباريس هي ثالث زيارة له لفرنسا لكنها ستشهد اول لقاء شخصي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مما يدعم العلاقة بينهما على المستوى الشخصي، وكذلك على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو شيء مهم جدا ونحرص عليه. لان العلاقات مع فرنسا تاريخية وانعكست علي كل المجالات.
ان هناك تعاون اقتصادي وسياسي واقتصادي كما يحتل الملف الاقتصادي الأهمية الأبرز في الزيارة الرسمية التي يقوم بها السيسي لفرنسا، ويتضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة حاليا والبرنامج الذى حاز على موافقة صندوق النقد الدولي، والجهود التي تبذلها مصر من أجل تهيئة مناخ جديد للاستثمار وإقرار قانون الاستثمار الموحد الجديد ودعوة المستثمرين الأجانب لزيادة استثماراتهم في مصر بعدما تغير مناخ الاستثمار وأصبح مهيأ للاستثمارات الأجنبية بعد إزالة العقبات والعراقيل التي تواجه المستثمرين.
والعلاقة خاصة جدا مع دولة نعتبرها شريكا مهم جدا وكلنا تابعنا التعاون العسكري بين البلدين، فالعلاقات متميزة وتتسم بالتنوع والثبات. أن الملف الليبي مهم جدا البلدين وتم التشاور بينهما في عدة مناسبات وبالتأكيد سيتم بحث هذا الملف خلال المباحثات وهناك اتفاق علي عودة هذا البلد ومؤسساته والجيش الليبي.
لان القضايا الإقليمية والازمات المتأججة بالمنطقة ستكون لها مساحة عريضة من النقاش في مختلف اللقاءات المدرجة على أجندة الرئيس السيسي وسوف يتم التوقيع على عدد من البروتوكولات والاتفاقيات في المجالات السالف ذكرها، فضلا عن مجالات اخرى كالتنمية المستديمة وغيرها.
أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا ستشمل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري وتعرضت لعمليات من عناصر متطرفة لذا فإن التعاون في هذا المجال سيكون له أثر بالغ في القضاء على الإرهاب ودحره في العالم كله.
“لن تكون الرافال والميسترال آخر الاتفاقات بين البلدين ومن المنتظر الحصول على أسلحة أخرى تكنولوجية”. أن هناك تعاونا بين مصر وفرنسا في مجال مكافحة الإرهاب لكون مصر من الدول المشاطئة للبحر المتوسط جنوبا وفرنسا شمالا، وبالتالي التنسيق كبير بين البلدين ويوجد انسجام كبير بين الشعبين ويجري تصعيد هذه العلاقات مؤخرا.
تشهد العلاقات الفرنسية المصرية تناغما شديدا وترابطا قويا خلال الفترة الأخيرة حيث بلغ عدد الزيارات الرسمية بين البلدين أكثر من 20 زيارة على مستوى الوزراء وكبار المسئولين منذ نوفمبر 2014، وعكست جميعها تقاربا في وجهات النظر إزاء القضايا الثنائية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأزمة الليبية، وكذلك رغبة البلدين في تقوية شراكتهما التي تمتد عبر قرنين من الزمان في المجالات الاقتصادية، والعسكرية، والثقافية.
أبرمت فرنسا الفترة الماضية العديد من الاتفاقات الخاصة بالأسلحة العسكرية، وتطوير الجيش المصري بأسلحة متطورة فرنسية الصنع جوا وبحرا، تشمل شراء مصر أربع طائرات من نوع “رافال”، وفرقاطة، وسفينتي “ميسترال” حاملتي المروحيات، وصواريخ ، وأبدى البلدان إجماعا على قضية مكافحة الإرهاب الذى انتشر في العالم بشكل كبير للغاية خاصة بعد ثورات الربيع العربي.
ولم تعد القضايا السياسية هي وحدها محل اهتمام البلدين، فمنذ فترة طويلة ويعمل البلدان إلى جانب بعضهما في مجال التعاون الثقافي، وذلك نظرًا لحجم دارسي اللغة الفرنسية في مصر، فهناك أكثر من 2500 طالب في 13 شعبة فرنسية يدرسون داخل 5 جامعات في مصر، كما أن هناك 14 ألف دارس في المعهد الفرنسي بمصر، بالإضافة إلى 7 آلاف تلميذ بـ11 مدرسة فرنسية معترف بها، وألفى طالب مصري يدرسون في فرنسا حاليًا، من بينهم 65 حاصلون على منح دراسية.
أما عن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين فتعد فرنسا سادس أكبر مستثمر في مصر في 2016؛ حيث تقدر حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 3.5 مليار يورو (4.1 مليار دولار)
؛ ما يجعلها سابع أكبر مورد في مصر، وزاد حجم التجارة الثنائية بين البلدين في الأشهر الثمانية الأولى من 2017؛ حيث ارتفعت قيمة الصادرات الفرنسية بنسبة 9.2% (1.1 مليار يورو/1.3 مليار دولار) مقابل 21% في الواردات (401.4 مليون يورو/478.8 مليون دولار). كما توجد في مصر أكثر من 160 شركة فرنسية توظف ما يقرب من 30 ألف شخص عبر مجموعة واسعة من القطاعات. زيارة السيسي المرتقبة لباريس، تعكس مدى تطور العلاقات الثنائية المصرية الفرنسية المشتركة، حيث تأتى لدولة تنتمي للاتحاد الأوروبي ومن الدول الأعضاء الخمس الثابتين في مجلس الأمن الدولي، وعضو أساسي في العديد من الهيئات الدولية مثل حلف الأطلنطي، ومجموعة الدول الصناعية، ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد اللاتيني، وهى دولة منتجة وعضو في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتعد دولة مستثمرة في الطاقة النووية.
ويزور الرئيس السيسي فرنسا حاملا رصيدا كبيرا من الإنجاز في مشروعات قومية عملاقة، وفى المواجهة الحاسمة مع أوضاع الاقتصاد، وفى السعي لتجاوز مرحلة الأعراض الجانبية لمواجهة موجات العنف والإرهاب الدامي، الذى يحاول تطويق المنطقة ومنها ما حدث قبل يومين على طريق الواحات بالجيزة، ولن تجد باريس أفضل من مصر كدولة شرق أوسطية محورية مركزية تكافح الإرهاب معها أمنا وفكريا وعالميا، ويعد ملف الإرهاب ومواجهة الجماعات التكفيرية والإرهابية الذى يهدد فرنسا والدول الغربية،
كما يهدد مصر ودول الشرق الأوسط وشعوبها من أبرز الملفات المطروحة على طاولة النقاش خلال القمة المصرية الفرنسية. فيما يحتضن الملف السياسي قضايا وهموم المنطقة في سوريا وليبيا والعراق واليمن، وكيفية وقف نزيف الدم هناك واتفاق المصالحة بين حماس وفتح، والتأكيد على أن حل القضية الفلسطينية هو مفتاح الاستقرار في المنطقة وللملف الاقتصادي الأهمية الأبرز في الزيارة الرسمية التي سيقوم بها السيسي لفرنسا،
ويتضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة حاليا والبرنامج الذى حاز على موافقة صندوق النقد الدولي، والجهود التي تبذلها مصر من أجل تهيئة مناخ جديد للاستثمار وإقرار قانون الاستثمار الموحد الجديد ودعوة المستثمرين الأجانب لزيادة استثماراتهم في مصر بعدما تغير مناخ الاستثمار وأصبح مهيأ للاستثمارات الأجنبية بعد إزالة العقبات والعراقيل التي تواجه المستثمرين.
ويتمثل الحضور الفرنسي في مجال البحوث بوجه خاص في معهد البحوث من أجل التنمية ومركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية, اللذين يختصان بالعلوم الإنسانية والاجتماعية ويجريان البحوث في مجالات مواضيعي ثلاثة (الحكم الرشيد والسياسات العامة, والتنمية-المدينة-السير, والعلوم الإنسانية الرقمية).
أما في مجال علم الآثار فتتبوأ فرنسا الصدارة في هذا المجال في مصر عبر المعهد الفرنسي لعلم الآثار الشرقية والمركز الفرنسي المصري لدراسات معابد الكرنك, ومركز الدراسات الاسكندرانية, والبعثات الأثرية الفرنسية في مصر. كما تنتهج فرنسا سياسة تعاون مهمة في مصر في المجال التقني في العديد من القطاعات, ولا سيما في مجالي الإدارة العامة والعدالة. وتسهم فرنسا في برنامج سنوي يتيح لكبار الموظفين والقضاة المصريين متابعة برامج تدريب في المعهد الوطني للإدارة والمعهد الوطني للقضاة في فرنسا.
الزيارات الخارجية للرئيس السيسي تدل من حيث كثافتها وموقعها الجغرافي على أهمية مصر للقوى الإقليمية الدولية والهدف الأساسي منها هو خدمة الاستراتيجية الوطنية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية وتفعيل علاقات مصر التاريخية مع القوى الكبرى، وإعادة التوازنات مع كافة الدول في إطار من حق سيادة القرار.


