ثبت عن النبي ﷺ أنه أخبر أن الكسوف والخسوف للشمس والقمر يقعان تخويفا من الله لعباده، وحثا لهم على مراعاة هذه الآيات والخوف من الله عز وجل والفزع إلى ذكره وطاعته، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته، وإنما هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وقال: إذا رأيتم الخسوف فافزعوا إلى ذكره ودعائه؛ وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم.
وأمر في ذلك بالتكبير والعتاقة والصدقة، كل هذا مشروع، الصلاة والذكر والاستغفار والصدقة والعتق والخوف من الله، والحذر من عذابه.
وقد يُثار في نفوس البعض أنه سبب فلكي و يُعرف قبل حدوثه، فقال عنه العلامة ابن باز -رحمه الله-: وكونها آية تعرف بالحساب لا يمنع كونها تخويفا من الله جل وعلا، وأنها تحذير منه ، فإنه هو الذي أجرى الآيات، وهو الذي رتب أسبابها كما تطلع الشمس وتغرب الشمس في أوقات معينة، وهكذا القمر ..
وهكذا النجوم، وكلها آيات من آيات الله ، فكون الله جعل لها أسباباً كما ذكر الفلكيون يعرفون الخسوف بها لا يمنع من كونها تخويفاً وتحذيراً من الله، كما أن آياته المشاهدة من شمس وقمر ونجوم وحر وبرد كلها آيات فيها التخويف والتحذير من عصيان الله على هذه النعم ..
وأن يحذروه وأن يخافوه وأن يخشوه سبحانه، حتى يستقيموا على أمره، وحتى يدعوا ما حرم عليهم، فوجود الآيات في السماء من خسوف وكسوف وغير ذلك، وكون الفلكيين والحسابين يعرفون أسباب ذلك في الغالب، لا يمنع كونها آيات
والحساب قد يخطىء، والفلكي قد يخطىءفي بعض الأحيان، وقد يصيب، ولكنه -في الغالب- إذا كان متقنا للحساب يدرك هذا الشيء، وليس هو من علم الغيب؛ لأن له أسبابا معلومة يسبرها الحسابون بتنقل الشمس والقمر، ويعرفون منازل الشمس والقمر، ويعرفون المنزلة التي فيها الخسوف والكسوف ..
وهذا لا ينافي ما أمر الله به على لسان رسوله ﷺ من الخوف من الله أو الصدقة أو غيرها، هذا كله من مصلحة العباد، حتى يخافوا ويحذروا ويستقيموا، وكونها تعرف بالحساب لا يمنع ذلك.
وقد يقول البعض أن نشر الخبر لحدوث الكسوف أو الخسوف قد يقلل من الخوف و اهميته فأجاب رحمه الله: او ترك النشر لكان أحسن وأفضل؛ حتى يفجأ الناس الخسوف، ويكون ذلك أقرب إلى فزعهم وخوفهم واجتهادهم في طاعة الله ، لكن بعض الحسابين يرى أن في ذلك حثا على التهيؤ والاستعداد وعدم الغفلة ..
لأنه قد يأتي غفلة وهم لا يشعرون ولا ينتبهون، فإذا نشر في الصحف انتبه الناس لهذا الشيء وأعدوا له عدته في وقته، هذا مقصود من نشر ذلك في الأغلب.
و قد يقول البعض ان به تجاوزاً لعلم الغيب فردّ رحمه الله: لا، قال أهل العلم:إنه ليس من أمور الغيب، وهذا مدرك بالحساب، كما قال هذا ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من الأولين، ومعروف عند أهل الفلك والحسابين لمنازل القمر والشمس، يعرفون هذا بطرق سبروها ودرسوها وعرفوها، وليس من علم الغيب.
صلاة الخسوف أو الكسوف سنة مؤكدة إذا كسفت الشمس أو خسف القمر، سواء ذهب النور كله أو بعض النور، فإن السنة أن يصلي المسلمون ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان، هذا هو أصح ما ورد في ذلك، يصلي المسلمون في أي وقت حتى ولو بعد العصر على الصحيح ..
متى وقع الكسوف ولو في وقت النهي فالسنة أن يصلى، أن تصلى صلاة الكسوف، وهي ركعتان تشتملان على قراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة.
فإنه ﷺ لما كسفت الشمس في عهده، لما مات إبراهيم ابنه كسفت الشمس فقال بعض الناس: إنها كسفت لموت إبراهيم، فخطب الناس عليه الصلاة والسلام وقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته ..
يعني: لا لموت إبراهيم ولا غيره وإنما هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره.
وفي الحديث الآخر: فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم،»، وفي اللفظ الآخر: فادعوا الله وكبروا وتصدقوا، وأمر بالعتق عند الكسوف، وصلى بالناس ركعتين، كبر عليه الصلاة والسلام وقرأ الفاتحة، ثم قرأ قراءة طويلة، قال ابن عباس: تقدر بنحو سورة البقرة، ثم ركع وأطال الركوع، ثم رفع ..
وقرأ قراءة طويلة أقل من الأولى، ثم ركع ركوعًا طويلًا أقل من الركوع الأول، ثم رفع وأطال دون الإطالة الأولى، ثم سجد سجدتين طول فيهما عليه الصلاة والسلام، ثم قام وقرأ وأطال لكن دون القراءة السابقة، ثم ركع فأطال لكن دون الركوعين السابقين، ثم رفع وقرأ لكن دون القراءة السابقة ..
ثم ركع ركوعًا رابعًا وأطال فيه لكن دون الركوع الذي قبله، ثم رفع فأطال لكنه أقل مما قبله، ثم سجد سجدتين طويلتين عليه الصلاة والسلام، ثم تشهد، قرأ التحيات وتشهد كالمتبع، ثم سلم وخطب الناس، خطب الناس ووعظهم عليه الصلاة والسلام وأخبرهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله..
لا يكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته، وقال: إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم، وأمر بالصدقة والعتق عليه الصلاة والسلام، وأمر بالاستغفار والذكر.

