فعلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وطرد مئات من الموظفين في البعثة الدبلوماسية الأمريكية في موسكو، بإجراء اعتبره “مضطر”، ملوحاً بتدابير اخرى ضد الولايات المتحدة رداً على عقوباتها تجاه بلاده.
الشعور بالإهانة كما سماه البعض من قبل المؤسسة الأمريكية الحكومية نتيجة تدخل روسيا في الشؤون الداخلية وبمناطق نفوذ الولايات المتحدة هو ما دفعها للعقوبات، بينما رأى بوتين أن هناك من يريد الانتقام من موسكو وضرب راهنه على الرئيس الأمريكية دونالد ترامب لتحسين العلاقة بين البلدين.
واعتبر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف العقوبات الأميركية الجديدة على بلاده “شهادة وفاة لآمال تحسن علاقتنا مع الإدارة الأميركية الجديدة”، مضيفاً أن العقوبات “بددت آمال روسيا بتحسن العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة”.
وأوضح مدفيديف، أن هذه الإجراءات هي بمثابة “حرب تجارية فعلية وشاملة” على روسيا وأن إدارة ترامب أظهرت أنها عاجزة للغاية، مشيراً إلى أن “توقيع الرئيس الأميركي على قانون العقوبات الجديدة ضد روسيا أظهر عجزه التام في تسليم الصلاحيات التنفيذية، بالطريقة الأكثر إذلالا، إلى الكونغرس وإن هذا الأمر يغير توازن القوى في الدوائر السياسية الأمريكية”.
أما نائب وزير الخارجية الروسي الأسبق أندريه فيودوروف، فبين أن ثمة خطر ببداية حرب بادرة بين موسكو وواشنطن، مضيفاً أن التخفيض غير المسبوق في عدد العاملين في البعثة الدبلوماسية الأمريكية ببلاده سيؤثر على عمل السفارة الأميركية وقنصلياتها.
ورأي فيودوروف أن الخلاف بين البلدين والعقوبات الأخيرة ليس لتدخل موسكو في الِشأن الداخلي الأمريكي بل لتضارب المصالح بين البلدين في مناطق عديدة، مشيراً إلى أن الأجواء الراهنة بين موسكو وواشنطن قد تؤدي إلى كسر الاتفاقات حول المناطق الآمنة في سوريا.
ولفت إلى أن كسر الاتفاقات حول المناطق الآمنة سيشكل ضربة قاصمة لعملية المصالحة السورية وسيغلق الباب أمام محادثات مستقبلية في جنيف.
ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مشروع قانون بفرض عقوبات جديدة على روسيا ليصبح ساريا، وسيكون للكونغرس حق التصويت على أي قرار لترامب بتخفيف العقوبات.
وقال ترامب في بيان للبيت الأبيض إنه أقر القانون لفرض إجراءات قاسية “لمعاقبة وردع التصرفات السيئة للأنظمة الفاسدة في طهران وبيونغ يانغ”، مضيفاً أن واشنطن لن تتسامح مع التدخل في آليتها الديمقراطية.
كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية جيمس روبنز من جانبه، أوضح إن الديمقراطيين خلقوا مناخا متوترا مع روسيا لاتهامها بالتدخل في الانتخابات الرئاسية لصالح دونالد ترامب، مبيناً ترامب حاول بناء علاقة أفضل مع موسكو.
وأضاف روبنز، أن العقوبات تبدو ضد ترامب لأنه حاول بناء علاقة جيدة مع موسكو، مشيراً إلى أن بلاده تسعى لإبقاء التعاون مع روسيا في محاربة الإرهاب وتنظيم الدولة، موضحاً “بينما ستتأثر ملفات أخرى شائكة مثل أوكرانيا وسوريا ودعم روسيا لبرنامج إيران النووي”.
وأكد أن العقوبات الاقتصادية على روسيا سيكون لها تأثيرات على أوروبا ويجب أن تبقى بعيدا عن سوريا، لافتاً إلى “وجود قلق من الدول الأوروبية التي تستورد الغاز من روسيا في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لزيادة إنتاجها والسيطرة على أسواق الطاق، ولهذا فإن العقوبات قد تجعل الوصول للغاز الروسي صعبا وسيكون نافعا بالتأكيد للغاز الأميركي”.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن العلاقات بين واشنطن وموسكو تمر بأسوأ مراحلها منذ انتهاء الحرب الباردة في ظل تنامي خصومات الجانبين في العديد من الملفات.
وحذر تيلرسون من إمكانية أن تزداد علاقات البلدين سوءا، مبيناً أن قرار الكونغرس تمرير مشروع قانون العقوبات على روسيا جعل محاولات إذابة الجليد بين البلدين “أكثر صعوبة”.


