هادم اللذات والحكمة في ظهوره
د.علاء الدين صبحي ال كبون
الانسان ميال في طبعه الى المجموعة , متألقا اذا عمل معهم , منعوتا بالانعزالية والانفرادية اذا خرج عن مألوف الطبيعة البشرية . الصفات البشرية هذه هي فطرية , اودعها الخالق عندما انشأ الجبلة الطينية , ونفخ الروح فيها وسره المبهم (( ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي )) 1 .
نادر ما ان تبقى هذه الروح شفافة , تزيد البدن جمال وبريقا, لأنها في بيئة الدنيا . اسمها دل على ما هيتها فهي الادنى , عجوز شمطاء لمن زهد فيها , ماجنة حسناء لمن وله بها .الذاكرة الشفافة توثر ولا تتأثر, تنير الضياء لمن حولها. محبوبة من الكل لأنها سابحة مع الكمالات الشفافة . الناكرة لخير ريها , غير ذاكرة له, حق قول العزيز عليها (( ومن اعرض عن ذكري فله معيشة ضنكا ))2 .
ماهر في كل شيء , لا يكل ولا يتعب , يساعد الاخرين ولا يفارقهم حتى يزرع الابتسامة عليهم . ابواب الفرح والسعادة فتحها , بمفاتيح التخرج وارتدائها روب نيل بكالوريوس علوم مع تعينه معيد في الكلية لأنه من الاوائل . مفتاح سعادته الثاني وزواجه مع شريكته التي اختارها وفي نفس تخصصه العلمي , توج الزواج السعيد بمولدة مباركة, نقلتهم الى استراليا ليحصل على شهادة الماجستير في تخصص نادر , علاج الخلايا السرطانية و الجزيئية ويرجع مسرعا الى بلده العراق الجريح , يعمل بجد واخلاص , بلا كلل ولا ملل , يحاول زرع مبادئ علوم ما تعلمه من الجامعات العالمية في مدينته النجف الاشرف , فيهرع الى جامعات بعيدة عن مدينته , كي يجلب بعض المستلزمات التي تعينه , في بناء مختبر علمي لكليته , التي طالما حلم في ان يسهم في حركة عجلة تطورها ودخول جامعته ضمن ارقى جامعات العالم .
هادم اللذات كان في انتظار ماهر ,الذي لم ينهي العقد الثالث من عمره , عند تقاطع طريق نجف –الكفل بحادث سير مؤسف , انتشار خبر وفاته بين محبيه واهله في صفحات التواصل الاجتماعي , تركت تساؤلات كثيرة عند مشيعيه الى مثواه الاخير , ودموع الحزن للفراق للقامة العلمية الشابة , ذو الروح الشفافة وما اخلف من يتيمتين صغيرتين وامهما التي لم يدم فرحة قبولها لدراسة الماجستير الا ايام .
منهم من سال لماذا العزيز الجبار ياخذ الطيبين ويترك الاشرار , ومنهم تحير بمصير اليتيمتين وامهم وحلم وفقدان ابيهم . تجلت الحكمة الرحمانية لعباده .. انه ليس في قانون الموت صغير او كبير , رجل او امرأة , فقير ام غني , عالم ام جاهل اذا اتى الاجل نفذ الامر .. (( فيامن توحد بالعز والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء ))3 .
الاستعداد للموت يجب ان يكون عند بني ادم في كل لحظة , لأن حكمة ظهور الموت يغفل عنها , وقد تاتي في اي لحظة
كلمات في تابين ماهر قبل الخاتمة بفقده الباهر
اللهم لا نسالك رد القضاء بل اللطف فيه .. وانزل الصبر والسلوان على كل من فارق حبيب وحميم .
1- الاسراء 85
2- طه 124
3- دعاء الصباح الى امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام
