قادة الإئتلاف: لا للدولة الفلسطينية
عمر حلمي الغول
مع إحتفال الحركة الصهيونية بالذكرى المئوية لمؤتمر بازل بسويسرا، وإحتفالات قادة إسرائيل بالذكرى الخمسين لإحتلالها لأراضي دولة فلسطين في الخامس من حزيران يونيو 1967،وفي الذكرى الأربعين لإقامة مستعمرة “بيت إيل” تصاعدت هجمة المواقف والإنتهاكات الاستعمارية الإسرائيلية، حيث أطلق قادة الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم العنان لمواقفهم المعادية للسلام، والموغلة في مستنقع الإستيطان افستعماري، حيث أعلنوا مواقف متقاطعة تكمل بعضها البعض. فأعلن مؤكدا وزير المعارف، نفتالي بينت، انه لن يكون هناك “دولة فلسطينية بين النهر والبحر”، وأضاف “لا يوجد إسرائيلي يوافق على وجود دولة فلسطينية”. وطالب رئيس الوزراء، نتنياهو ب”فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الفلسطينية، لمواصلة الإستيطان الإستعماري. ولم يختلف الأمر كثيرا مع ليبرمان، حينما أعلن إنه “لم تشهد إسرائيل منذ عام ال2000 مثل هذا الزخم ببناء المستوطنات، كما في هذه السنة. موضحا ان هذا العام شهد بناء 3400 وحدة، و اقرار بناء 7000 وحدة إستيطانية آخرى، وهي الان في مراحل التخطيط المختلفة ، وتناول أيضا مسألة تنظيم البؤر الاستيطانية السبعين، مؤكدا أن وزارته تعمل على تعزيز تنظيم هذه البؤر وتحويلها الى قانونية من خلال قانون التسوية”. وأما رئيس الوزراء، نتنياهو، فأكد إلتزامه ببناء 300 وحدة إستعمارية جديدة في مستعمرة “بيت إيل”. وكان قبل ايام أكد في مستعمرة بركان بكلام قاطع عدم الإنسحاب من اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، فقال “إنه لن يكون هناك أي إخلاء للمستوطنين بعد اليوم ولن يكون هناك أي اقتلاع لمستوطنات في”أرض إسرائيل”. وأضاف معمقا ومستبقا مواقف بينت، حين أكد “هذا ميراث آبائنا، وهذه أرضنا،عدنا إلى هنا كي نبقى للأبد. وهناك سبب ثان لكي نحافظ على هذا المكان. السامرة (الضفة الغربية) هي ذخر إستراتيجي لدولة إسرائيل. وهي مفتاح مستقبلها، لأنه من هذه المرتفعات العالية، والمرتفعات العالية في جبل حتصور ، نشاهد البلاد من الطرف إلى الطرف”.
هذه المواقف الإستعمارية ليست وليدة اللحظة الراهنة، إنما هي إمتداد لبرامج ممثلي الإئتلاف الحاكم، والتي تكرس المواقف التالية أولا لا إنسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967؛ ثانيا ضم الأراضي كلها، وليس القدس فقط؛ ثالثا تطوير وتوسيع المشروع الإستعماري الإسرائيلي ليشمل في مرحلته الجديدة كل فلسطين التاريخية وعلى مساحة 27009كم2؛ رابعا تصفية خيار السلام كليا؛ خامسا شطب فكرة إقامة الدولة الفلسطينية مهما كان شكلها؛ سادسا في حال وجد فلسطينيين يجري التعامل معهم كأقلية مهمشة، يسمح لها بحكم نفسها من خلال حكم ذاتي هش او عبر الإدارة الإستعمارية (المدنية).
ويخطىء من يعتقد ان هذه المواقف آنية، أوإنفعالية، او يتم إطلاقها للمنافسة بين القوى المتطرفة لكسب اصوات اليمين الصهيوني، وعلى فرض وجد مثل ذلك الإفتراض، لكنه ليس الأساس، لإن المواقف تعكس حقيقة رؤية تلك القوى الممسكة بتلابيب الحكم في دولة الإستعمار الإسرائيلي. وبالتالي المواقف الأخرى التكتيكية المتعلقة ب”السلام”، التي يطلقها نتنياهو وغيره من اركان إئتلافه، هي المواقف اللفظية، التي تستخدم للمناورة، والضحك على دقون القيادات السياسية العالمية، ولتضليل الرأي العام العالمي، والهاء القيادات الفلسطينية والعربية بهدف كسب الوقت، وتكريس وقائع جديدة على الأرض لتهويدها ومصادرتها كليا.
والمفارقة غير المستغربة لإي مراقب متابع لسياسات إسرائيل الإستعمارية، ان التصريحات لقادة الإئتلاف الصهيوني المتطرف اطلقت بالتلازم مع وجود الوفد الأميركي الأخير برئاسة جاريد كوشنر، صهر وكبير مستشاري الرئيس ترامب في إسرائيل، ومع زيارة الأمين العام للامم المتحدة لإسرائيل وفلسطين، وعشية إنعقاد الدورة ال72 للامم المتحدة، وهو ما يشير إلى ان القيادة الإسرائيلية غير مبالية بالعالم ولا بالأمم المتحدة ولا بالعرب والفلسطينيين. وهي ماضية في خيارها الإستعماري لتنفيذ المرحلة الثانية من بناء إسرائيل الكبرى على كل فلسطين التاريخية. الأمر الذي يفرض التدخل الدولي لوقف المهزلة الإسرائيلية، ولجم نزعاتها العدوانية، وفتح افق للسلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي على ارضية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.


