دراما رمضان
الكاتب والسيناريست : رياض سيف
في شهر رمضان, تتزاحم المحطات بمسلسلات من كل شكل ولون منها الجيد الذي يستحق المشاهده ( وهو الاقل) ومنها المتوسط والهابط المكرر في كل موسم رمضاني ( وهو الاغلب ) وبين هذا وذاك برامج الرعب المقززة التى لم يرقى لها الارهاب في وحشيتها وتحت مسمى الترفيه والتسلية بأسماء مقدميها رامز وهاني وغيره من الاسماء التى اخفقت دراميا فابتدعت نهجا داعشيا بجداره ..
على عدة محطات يطل علينا الجزء الذي لاينتهى من المسلسل المجتر لنفسه ( باب الحاره ) مقرونا بمسلسل المتصابي العجوز الذي مازال يلهو فى الوقت الضائع من عمره مع عفاريته . مبهرا بنكهة العمل البدوي الذي امتهن قطع الرؤوس وسفك الدماء فى قصة حب ممهورة بالحقد والسوداوية التى اساءت الى اصالة البداوة التى عهدناها حكايات مشوقه للكرم والمرؤة والايثار , لتنقلنا الى اخلاق داعش وافعالها بل لتركز فكرتها واسلوبها بنماذج مغربة مشوهة رغم نظافة ملابسها وطلاوة مكياجها وجمال نسائها .وتأكيدا على المؤكد يأتي مسلسل (غرابيب سود) ليكمل الصورة بمعالجة مسطحة اساءت اكثر مما افادت .. وعلى نفس النمط تجيء مسلسلات العشوائيات والمناطق المهمشه بشخوصها المنفلتة من عقال القانون الى اباحة القتل والنحر بدون قيد او شرط ..فأي دراما هذه التى نربي جيلنا الجديد عليه وأي جيل هذا الذي سينشأ نتيجة هذه التغذية الموغلة في العنف والكراهية …
القنوات الفضائية اصبحت فى رمضان واحة موبؤة .في زمن موبؤ , ومحرضة رئيسية في نزع السلام والحب من نفوس البشر ومصنعا كبيرا للاسفاف والارهاب , ولعلها خطة مدبرة للقضاء على ما تبقى من امل فى غد ينتهى فيه سفك الدماء في وطن ينزف بالموت والدمار ..وتمنيت لو كنت محاميا لاقدم للمكمة الدوليه – رغم شكي بعدالتها – بأعدام كل من له طرف او رأي في اجازة هذه الاعمال المقزرة ..
وبين هذا وذاك تأتي تجارب ضحلة وهزيله في اسكتشات منقوله بطريقه ساذجة من نكت ( بايخه ) مكررة وارتجالية اعتمادا على شخوص رافقهم الحظ , ولم يغتنموا الفرصة لتقديم ما يليق بحظهم ..بل اتخذوا من الحظ وهما بالنجومية , ونستثني من هذا الهزال جهود فردية نثمن لصانعيها طرح افكار مفيدة رغم بساطتها وفقر انتاجها ..
في غمرة هذا المد المتنامي في سقوط الدراما في اتون الهاوية .. جذبنى برنامج اعتبره قمة في البناء الدرامي والجمال الفني ..رغم ان كل مافيه راوي يحكي قصصا من الثراث الشعبي ( تحت عنوان ما بتخلص حكاوينا ) بلهجة نابلسية اصيلة ممتعه .. ولعل ما لفت نظري اكثر الحلقة الرابعة والعشرين , في حكاية طاهر باكير عن رحلته الى سويسرا التى لخص فيها كل ما يجول في نفس كل فلسطيني بما يضاهي مسلسلا بحجم باب الحاره بفصوله – وفصوصه – التسعة ..
كنت على وشك ان ارثي حال الدراما العربية وما وصلت اليه لكن ( ما بتخلص حكاوينا) على بساطته ومحدودية مكانه احيا في نفسي الامل بأنه مازال هناك الرجاء في القليل والبسيط الذي يقدمه تلفزيون فلسطين بهذا البرنامج ..وتمنيت على هذه المؤسسة في اكثر من مكان وموقع ان تولي اهتمامها لاعمالها المحلية بالمال الذي تنفقه على شراء مسلسلات عربيه مما لاتعنى المشاهد الفلسطيني , ويراها المشاهد الفلسطيني والعربي على قنوات رئيسية ولا يراها على قناة فلسطين ..
فهل يدرك القائمين على مؤسستنا الوطنية ان العمل المحلى المدعوم والمعتنى به هو حالة تفرد وحصري لايجده المشاهد في قناة اخرى , وهو ميزة تميزه عن باقي المحطات المشغولة باحتراف السفاهة ونشر الافكار الداعشية ..
رياض سيف
دراما رمضان بقلم:رياض سيف


