كشف القيادي في حركة حماس، ووكيل وزارة الخارجية في غزة د.غازي حمد، النقاب عن محاولات مستمرة من أطراف عديدة للخروج من الأزمة الراهنة مع حركة فتح، مبيناً أن بعض “الغيورين” على المصلحة الوطنية، يبادرون إلى تقديم اقتراحات للطرفين.
وقال حمد في حوار “من وقت لآخر تجري اتصالات بين قيادات حمساوية وفتحاوية، لكن لم نصل إلى الدرجة التي نقول فيها إنه حدث اختراق فعلي في جدار الانقسام، ولكن نحن لن نيأس وسنظل نقول إنه بدون مصالحة وبدون وحدة وطنية حقيقية فإن الفشل هو عنوان المرحلة”.
وأكد أن هناك قضايا مطروحة على الطاولة لمعالجتها، مثل: اللجنة الإدارية، وإجراءات الرئيس ضد قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتوافق على موعد للانتخابات، موضحاً أن تلك القضايا يمكن أن تعالج، “لكن بسبب غياب التواصل بين الطرفين، وبسبب غياب الثقة وترسخ حالة الشك، فإن الأمر يصبح عسيراً”.
وأشار حمد إلى أن ما حدث في المسجد الأقصى ومدينة القدس الأيام الماضية، يتطلب سرعة إنهاء الانقسام، والتوافق على رؤية واستراتيجية وطنية تمثل المجموع الوطني، معتبراً أن حالة الضعف والانقسام هي التي جرأت إسرائيل على الاستمرار في سياساتها العنصرية والاحتلالية في القدس وباقي الأراضي الفلسطينية.
وفي سياق آخر، لفت حمد إلى أن هناك جهوداً مستمرة بين حركة حماس ودحلان لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، مشدداً على ضرورة أن توضع هذه التفاهمات في الإطار الوطني الذي يهدف إلى جمع الصف الفلسطيني، وليس عملية (مجاكرة) أو مناكفة لأحد.
وجدد القيادي في حركة حماس تأكيده على ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني ضمن رؤية وطنية متفق عليها، يكون شعارها الرئيسي هو جمع الكل الوطني تحت مظلة المجلس، وأن يكون اللقاء من أجل إصلاح وتعزيز منظمة التحرير بما يخدم المصالح الوطنية العليا.
وأضاف حمد “أما الإصرار والتفرد على عقد المجلس بدون توافق وطني، فهذا سيزيد من حالة الشرخ والانقسام، لذا فإنني أطالب الرئيس أبو مازن بأن يغلب المصلحة الوطنية، وأن يزيد من حالة التشاور مع القوى الوطنية للتوصل إلى موقف واحد، وألا يتسرع في اتخاذ قرارات من شأنها خلق مزيد من التوتر والخلاف داخل الساحة الفلسطينية”.
وفيما يتعلق بالأنباء التي تحدثت عن مغادرة قيادة حماس دولة قطر، أوضح حمد، أن حركته لا تزال تتمتع بعلاقة طيبة مع دولة قطر، التي نقدر لها عالياً كل ما قدمته للشعب الفلسطيني، مبيناً أن قيادات حماس في قطر لا تزال موجودة ومعروفة.
وأشار إلى أنه في نفس الوقت، فإن الحركة تريد أن توسع علاقاتها بالدول العربية من خلال السعي إلى فتح مكاتب لها في الدول التي تقبل ذلك، معتبراً أن هذا لا يتعارض أبداً مع وجود قيادات لحركة حماس في قطر.
وبخصوص قرار محكمة العدل الأوروبية الأخير، أعرب حمد عن أسفه لهذا القرار “غير المنطقي ولا الحيادي”، مستغرباً على أي أسس استندوا كي يصنفوا حماس حركة إرهابية.
وأضاف وكيل وزارة الخارجية بغزة “أي جرم قامت به حماس بخلاف القانون الدولي كي يشملوها ضمن قائمة الإرهاب، ولكن هذا هو التحيز الواضح والفاضح الذي لا يوجد له أي مبرر، إن حركة حماس لم تقم بأي أعمال مخالفة للقانون الدولي والإنساني”.
وفي سياق منفصل، كشف حمد، عن خطة لجولة خارجية لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية لتجنيد الدعم للقضية الفلسطينية، غير أنه ينتظر الوقت المناسب للشروع في هذه الجولة.
وفيما يتعلق بالمصالحة المجتمعية في قطاع غزة، أوضح أن هناك جهوداً تبذل من أجل تطبيقها، كما أنه قد جرت الكثير من اللقاءات والترتيبات من أجل الشروع في تجسيدها، متوقعاً أن يتم ذلك بشكل جيد، ويمكن أن تكون له ثمار قريبة.
وإليكم الحوار كامل:
– بداية كيف تنظرون لما يحدث في القدس من اعتداءات إسرائيلية مستمرة، وما المطلوب فلسطينياً وعربياً ودولياً لنصرة الأقصى؟
ما يجري في الأقصى هو نموذج مصغر للصراع مع المحتل، فالإرادة العظيمة التي تمثلت في المقدسيين وإصرارهم الكبير على مواجهة المحتل وكسر إرادته ووقوف أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة، والقطاع وداخل الـ 48 وفي الشتات من خلفهم، شكّل أيقونة وطنية رائعة جسدت الوحدة الوطنية بكل معانيها.
هذه يجب أن تدفعنا بقوة نحو إعادة توحيد الصف الفلسطيني، حتى لا تكون هذه مجرد هبة منفصلة عن مسلسل المواجهة الفلسطينية مع الاحتلال.
كما أن هذا يتطلب سرعة إنهاء الانقسام والتوافق على رؤية واستراتيجية وطنية تمثل المجموع الوطني.
إن حالة الضعف والانقسام هي التي جرأت إسرائيل على الاستمرار في سياساتها العنصرية والاحتلالية، واستغلت الخلاف والصراع الفلسطيني كي تمرر سياساتها في القدس وباقي الأراضي الفلسطينية.
القيادات الفلسطينية ينبغي عليها أن تكون على قدر المسؤولية وخطورة المرحلة وألا تتردد في اتخاذ إجراءات جريئة في وضع حد للحالة المزرية التي نعيشها بسبب الانقسام.
– عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد تحدث عن اتصالات مع حماس بشأن المصالحة.. أين وصلت هذه الاتصالات؟ وهل من الممكن القول بأن المصالحة لم تمت مع فتح؟
المصالحة لم تمت، ولا يمكن أن تموت، لأن موتها يعني موت القضية الفلسطينية، ويعني أن الفلسطينيين سيظلون يعيشون في حالة التيه وفقدان البوصلة.
المحاولات مستمرة من أطراف عديدة للخروج من الأزمة الراهنة، ومن وقت لآخر يبادر بعض الغيورين إلى تقديم اقتراحات للطرفين، ومن وقت لآخر تجري اتصالات بين قيادات حمساوية وفتحاوية لكن لم نصل إلى الدرجة التي نقول فيها إنه حدث اختراق فعلي في جدار الانقسام.
نحن لن نيأس وسنظل نقول أنه بدون مصالحة وبدون وحدة وطنية حقيقية، فإن الفشل هو عنوان المرحلة.
ومن المخجل أن نتحدث عما يجري في القدس والمسجد الأقصى، ونحن لا زلنا نغرق في مستنقع الانقسام. أعتقد أن هناك قضايا مطروحة على الطاولة لمعالجتها مثل: اللجنة الإدارية وإجراءات الرئيس ضد قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتوافق على موعد للانتخابات، وحسب تقديري فإن هذه القضايا يمكن أن تعالج، لكن بسبب غياب التواصل بين الطرفين، وبسبب غياب الثقة وترسخ حالة الشك فإن الأمر يصبح عسيراً.
– جلسة التشريعي في غزة قبل أيام كانت مميزة بكلمة القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.. هل هناك رسائل أرادت حماس إيصالها بهذه المشاركة؟ وإلى أين وصلت التفاهمات بين حماس ودحلان وتطبيقها؟ وهل فعلاً معبر رفح سيفتح نهاية أغسطس؟
خطوة عقد التشريعي كانت مقررة من أجل دعم نضال المقدسيين ومؤازرتهم في مواجهة الاحتلال، ولم تتطرق إلى قضايا أخرى، وكانت مشاركة النائب محمد دحلان قد جاءت في هذا الإطار.
حماس تريد من وراء ذلك التأكيد أن بإمكان المجلس التشريعي أن يلعب دوراً مهماً في إعادة ترتيب الأوضاع والحالة الوطنية، ويمكن له أن يقوم بدور إيجابي في تمتين الوضع الداخلي وجمع مختلف الأطراف على مائدة المجلس التشريعي.
وبالنسبة للتفاهمات بين حركة حماس ودحلان، فهناك جهود مستمرة ومنصبة على تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، لكن أقول إن هذه التفاهمات يجب أن توضع في الإطار الوطني الذي يهدف إلى جمع الصف الفلسطيني، وليس عملية (مجاكرة) أو مناكفة لأحد.
صحيح أنه توجد خلافات بين دحلان وفصائل عديدة، كما توجد خلافات بين الرئيس أبو مازن وعدد من القوى السياسية، وهناك خلافات أيضاً بين الفصائل نفسها، هذا كله يستدعي أن نخرج من حالة الخلاف المزمنة، وأن نركز على توحيد الجهود وتعزيز الصف الوطني.
أقول بشكل صحيح وصريح أنه لا يمكن استثناء أحد من المعادلة السياسية والوطنية مهما بلغت الخلافات، ومن يتصور أنه يمكن حل الخلافات الوطنية بالمعاداة والإقصاء والتفرد فهو واهم ومخطئ.
الحالة الفلسطينية بأوجاعها لا تحتمل المزيد من الخلافات والانشقاقات، فنحن نتمنى أن تكون حركة فتح قوية وموحدة كي تبقى دائماً داعمة للمشروع الوطني، ونتمنى أن تُصان الوحدة الوطنية على أسس سليمة.
وفيما يخص معبر رفح، فكل ما علمناه أن هناك اجراءات وعمليات ترميم في المعبر من أجل تأهيله لفتحه بشكل طبيعي، ونتمنى أن يتم ذلك بأقصى سرعة ممكنة.
– عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني قال إنهم يتواصلون مع الفصائل جميعاً لعقد جلسة للمجلس الوطني قريباً.. هل وصلتكم اتصالات بهذا الشأن؟ وموقف الحركة إذا عُقد في رام الله؟
عقد المجلس الوطني أصبح مطلباً وطنياً ملحاً، لذا لا ينبغي أن نجعله نقطة خلاف، بل نقطة انطلاق نحو الحل، وهذا يتطلب أن يكون عقده محل إجماع سواء من حيث المكان أو الزمان أو جدول الأعمال.
الكل يدرك أن عقد المجلس في رام الله لن يسمح لقيادات كثيرة سواء من حماس أو الجهاد أو الشعبية أو غيرها بالمشاركة، وهذا سيضعف من قدرة المجلس على تحقيق الهدف من وراء عقده.
نحن نؤكد على ضرورة عقد المجلس الوطني ضمن رؤية وطنية متفق عليها، يكون شعارها الرئيس جمع الكل الوطني تحت مظلة المجلس، وأن يكون اللقاء من أجل إصلاح وتعزيز منظمة التحرير بما يخدم المصالح الوطنية العليا.
أما الإصرار والتفرد على عقد المجلس بدون توافق وطني فهذا سيزيد من حالة الشرخ والانقسام، لذا فإنني أطالب الرئيس أبو مازن بأن يغلب المصلحة الوطنية، وأن يزيد من حالة التشاور مع القوى الوطنية للتوصل إلى موقف واحد، وألا يتسرع في اتخاذ قرارات من شأنها خلق مزيد من التوتر والخلاف داخل الساحة الفلسطينية.
هنالك الكثير مما ينشر في وسائل الإعلام غير صحيح وغير دقيق وربما يجيّر سياسياً بطريقة مغرضة، حركة حماس لا تزال تتمتع بعلاقة طيبة مع دولة قطر التي نقدر لها عالياً كل ما قدمته للشعب الفلسطيني.قيادات حماس في قطر لا تزال موجودة ومعروفة، وفي نفس الوقت فإن حماس تريد توسيع علاقاتها بالدول العربية من خلال السعي إلى فتح مكاتب لها في الدول التي تقبل ذلك، وهذا لا يتعارض أبداً مع وجود قيادات لحركة حماس في قطر.
الجزائر من الدول التي تعكس قوة الدعم والإسناد الشعبي والرسمي للقضية الفلسطينية، وإذا سمحت الدولة بوجود مكتب وممثل لحماس هناك فهذا يمثل نقلة نوعية، وكما قلت فإن محاولات حماس لم ولن تتوقف عن توسيع دائرة انتشارها بما يخدم القضية الفلسطينية.
للأسف فإن قرار المحكمة الأوروبية غير منطقي ولا حيادي، ولا أعلم على أي أسس استندوا كي يصنفوا حماس حركة إرهابية، وأي جرم قامت به حماس بخلاف القانون الدولي، كي يشملوها ضمن قائمة الإرهاب.هذا هو التحيز الواضح والفاضح الذي لا يوجد له أي مبرر، إن حركة حماس لم تقم بأي أعمال مخالفة للقانون الدولي والإنساني، حتى في حالة المقاومة ومواجهة المحتلة حافظت على قيم ومبادئ القانون الدولي، وبفرض أنه كانت هناك بعض الأخطاء التي حدثت هنا أو هناك فهذا لا يبرر هذه الخطيئة الكبيرة التي وقعت فيها المحكمة الأوروبية.
وفي نفس الوقت فإن الجرائم الخطيرة التي ترتكبها دولة الاحتلال ليل نهار والتي تثبتها المئات من التقارير التي وثقت هذه الجرائم لم تقنع اوروبا بأن تصنف إسرائيل على أنها دولة إرهاب، هذا يؤكد أن المعايير السياسية لا القانونية هي التي تحكم، وأن المصالح السياسية تتحكم في قرارات المحكمة. نحن لن نستسلم لمثل هذا القرار وسنستمر في مواجهته قانونياً وسياسياً، ولدينا الكثير مما نقوم به من خلال الكثير من المحبين والمناصرين في أوروبا.
– هل هناك جولة لرئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية لدول الخارج في الفترة المقبلة؟
ما أعلمه، أن السيد إسماعيل هنية يخطط لجولة خارجية يكون هدفها تجنيد الدعم للقضية الفلسطينية، لكن ينتظر الوقت المناسب للشروع في هذه الجولة.
– هل من الممكن أن نرى دحلان في غزة فعلاً؟
غزة جزء من الوطن الفلسطيني وليست محرمة أو ممنوع على أحد دخولها، وليس من حق أحد أن يمنع أحداً من دخول وطنه مهما بلغت درجة الخلاف السياسي، فهذا حق يتمتع به جميع أبناء الوطن.
أؤكد أننا يجب أن نخرج من الخلافات المرهقة سواء بين أبو مازن ودحلان أو بين دحلان وحماس أو بين أبو مازن وحماس، لأن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع ثمن هذه الخلافات المستنزفة لقدراتنا وأوقاتنا.
– إلى أين وصلت قضية المصالحة المجتمعية؟ هل فعلاً بدأت على أرض الواقع مثلما تتحدث وسائل الإعلام؟
هناك جهود تبذل من أجل تطبيق المصالحة المجتمعية، وقد جرت الكثير من اللقاءات والترتيبات من أجل الشروع في تجسيد المصالحة المجتمعية، وأعتقد أن ما يجري يتم بشكل جيد، ويمكن أن تكون له ثمار قريبة.


