إنّ توبيخ الطّفل وتأنيبة باستمرار، واشعارهم في نفس الوقت بالمهانة، وأن ما يبذله من مجهود لا يكفي، هذا الأسلوب يترك ندوباً وآثار لا تُمحى مدى الحياة في نفسية الطفل، ليس فقط من الناحية النفسية، بل من الناحية العقلية أيضاً.
يستخدم الاهل هذا الأسلوب في كل البيوت تقريباً، وهو لا يمارس عن قصد وانما هو نتاج ما توارثه الآباء جيلاً بعد جيل، وهو ليس ببعيد عنا جميعاً، وابسط أمثلته هو “لا تبكي كالأطفال”، “أنت طفل غير مهذب” “وهل انت غبي؟” بالاضافة للتوبيخ العلني للطفل امام أقرانه أو امام باقي افراد الأسرة.
سنتطرق في هذا المقال لتوضيح “مفهوم الذات” والعوائق، التي تعود على نفسية الطفل ،نتيجة إستخدامنا لهذا الأسلوب.
مفهوم الذات:
“الذات” هي الصورة التي نحتفظ بها لأنفسنا بداخلنا،تحتوي على نسخة من طبيعتنا، وقدراتنا، والتصرفات النموذجية لطبيعتنا في المواقف المختلفة، وتنمو هذه الصورة من الطفولة من خلال المواقف المختلفة. وتترسخ تلك الصورة من رأي الآخرين فينا.
وعند استعمال الآباء لأسلوب التأنيب والتوبيخ المهين، وتوجيه عبارات للطفل مثل انه “غبي” أو “انه لا يستطيع التصرف” أو “انه غير مؤدب” تترسخ هذه الصورة في نفس الطفل وتصبح هي مفهومه عن “ذاته مما يؤدي الى تخبط في قراراته وتحطم نفسيته في الكبر. وعندما نظل نزرع في الطفل انه سيء التصرفات فانه بالفعل عندما يكبر سيتصرف على انه سيء بدون وضع اعتبار لرأي من حوله، فهكذا يراه الناس أصلاً!
العواقب
التوبيخ لا يقلل من ارتكاب الطفل للسلوك السيء، وقد يرتكب نفس السلوك من وراء الأهل. ويؤثر التوبيخ على نفسية الطفل على المدى البعيد في انه يريد ان يفرض عقابه على الجميع. وينمو ذلك الطفل وهو عدواني وله سلوك مدمر للنفس، ولا يستطيع الالتزام في علاقات طويلة المدى. وقد يصل الامر الى العيش في عزلة ويقوم الطفل بتعويض شعوره الذاتي بالامتهان الى شعور بالتعالي على الآخرين والتنمر والمعاملة السيئة.
–الخوف الدائم:
توبيخ الطّفل بشكل مستمرّ يجعله يعيش وينمو في دوامةٍ من الخوف الدائم وعدم الاستقرار. هذا القلق الذي يسبّبه التوبيخ المستمرّ يمكن ان يرافق الطّفل طيلة حياته من دون أن يشعر والداه بذلك.
نتيجة ذلك، قد ينمو الطّفل وهو يشعر بحالة قلقٍ مستمرّة من انزعاج الآخرين منه.
- العنف والعدوانيّة:
نتيجة محاولة إرضاء الأهل ولكن من دون جدوى، قد يتحوّل الطّفل نتيجة توبيخ أهله المستمرّ إلى شخصٍ عدواني وعنيف ويظهر ذلك في ردّات فعله المبالغ فيها.
قد تصل به الأمور إلى التصرّف العنيف تجاه نفسه عند مروره بحالةٍ سيّئة حيث تزداد عصبيّته وقد يسبّب الأذى له وللآخرين. - الإنطوائيّة:
بحسب شخصيّة الطفل وكيفيّة تأثير التوبيخ المستمرّ عليه، قد يتحوّل في بعض الأحيان إلى شخصٍ انطوائي يعزل نفسه عن الآخرين خشية من ان يضايقهم كما يضايق أهله. هذا التّفكير الخطأ يسيطر على الطّفل في هذه الحالة فيجعله يتجنّب التوبيخ من خلال البقاء وحيداً وعدم إعطاء رأيه في كثيرٍ من الأحيان. - فقدان الثّقة بالنّفس:
انّ التوبيخ المستمرّ للطفل من قبل أهله يزعزع ثقته بنفسه وقد يفقدها في بعض الأحيان، في هذه الحالة، يظنّ الطفل انّ كلّ ما يقوم به خاطئ وانّه لا يقوم أبداً بالأمر الصائب لذلك يتمّ توبيخه على الدّوام ومهما فعل.
هذه الآثار النفسيّة الـ4 مهمّة جداً بالنّسبة للطفل؛ إذ انّها تُعتبر أساس نموّه وتكوين شخصيّته فيما يعمل التوبيخ المستمرّ على تدمير كلّ ما يحاول الطّفل بناءه، لذلك، يجب على الأهل التّفكير مليّاً قبل توبيخ أطفالهم.

