د. يسر الرئيسي حجازي
الواقع يصادق المعرفة
من وجهة نظر الوحدة والتعددية، فضل الفلاسفة المفهوم الذي يشمل الواقع والمعرفة، والواقع يصدق أن المعرفة حول العالم تنقسم وتفصل. وقد ذكر أفلاطون وغيره من الفلاسفة أن “وحدة العالم يمكن أن تتوافق مع وحدة المعرفة في العالم”. وقد حاولوا المنطقيون إعادة تأسيس وحدة المعرفة من خلال الدعوة إلى المبادئ الأساسية للمنطق.
يمكن للمرء أن يشكك في أشياء كثيرة، ولكن الوعي يعود دائما إلى معرفة الذات، وإلى الأساس المتغير للمعرفة. وبما أننا نشك في كل شيء، يعني اننا بمعرفة انفسنا بشكل جيد.
والوعي الذاتي هو أول يقين من الوضوح لدينا ومعرفة الذات. وهو يحدد جدوى نظرية هوسرل للتعمد، أي الاعتراف بأن الإدراك حساس لجوانب الحياة، وأن البشر مرتبط ببيئته. إن الذات الاجتماعية هي التي تميز نفسها عن النفس عمق الانسان، والتي تكشف لنا ذلك في وقت لاحق لما نجلس في العزلة مع أنفسنا. ومن ناحية أخرى، فإن حياة الانسان في العزلة لن تمكنه من اختبار مشاعره ، ولن يحصل علي الإدراك. كما ان الانسان يعرف ما يدور في عقله ومشاعره،و صفاته وعيوبه. سيكون دائما الوحيد الذي يعرف بدقة من هو وماذا يريد؟ وبالتالي إن الإنسان يمتلك قدرة كبيرة على التأمل، و العقبات التي سوف تعترض طريقه ستتمحور حول صعوبة الكذب على نفسه، والعودة إلى العقل لمنع انحرافاته. وبالتاليى, هناك ثلاثة عوالم ميتافيزيقية ليشعر بالواقع، بما في ذلك: عالم الأشياء المادية، سوي كانت حيوية ام لا، طريقة المشاعر والخبرات، الواعية والغير واعية، عالم الإنتاج الموضوعي للعقل البشري، (الأشياء, والنظريات , والأعمال الفنية). وبالتالي فإن هذا النهج يحدد مضمون الأفكار كما الأحلام، والخيال, والنظريات كجزء يدرس في التحليل النفسي باعتباره وضع الواقع في العقل البشري، كعلاقة بين الظواهر, والنظم, والحالات المختلفة.
على سبيل المثال، مقارنة العالم والطبيب النفسي “فرويد” لهذا الواقع بمدينة الآثار القديمة، والمباني الحديثة. و مثال اليوم في الفشل السياسي العربي، والأزمات الاقتصادية والسياسية، والديمقراطيات الغير الصحيحة التي هي في الأصل الأنظمة الاستبدادية أو الدولة التي يحكمها في الغالب عقلية امبراتور، يري نفسه رسول مبعوث من السماء لانقاذ البشرية. تلك هي الأنظمة التوحيدية، التي تحرص علي بقائها من خلال مجموعة فاسدة ومؤيدة لها. ذلك ما يفسر قدرة الإنسان على التخطيط و السيطرة والمسؤولية الكاملة علي افعاله.كما ان الانسان يعرف أنه يستطيع القيام بافعال شريرة أو حسنة اتجاه الاخرين، لأنه يميزه بدقة. كلما كان الانسان منعزل في قراراته, كلما كان يتصرف بالغرور والكبرياء, مثل الذي يطل علي جموع الناس من فوق قمة الجبل. فيزيد جنون العظمة لديه, والتعجرف , والاستخفاف بشعور الاخرين, فياخذهم بالاهانة والاجبار. إن مسألة الكائن العقلي في الوعي، كخبرة متعمدة تميز الفعل من حيث الوعي، بمعنى أن ربط الأشياء الممثلة بعدة طرق حسب النية, والحكم, والإرادة, طبقا للصورة الحية التي يشعر بها الانسان. وهذا يعني أننا نعيش بجنب تصرفاتنا، دون الشعور بها، ولكن نتخيل أننا نفهم تأثيرها على البشر. وهذا يثبت أن البشر مسؤول عن تصرفاته, وكذلك الحكومات ,فهي مسؤولة عن حياة شعوبها. ومن المثير للاهتمام, أن نلاحظ أن أعمال الحكومات الديكتاتورية تمارس بكل وعي، اي أنها مسؤولة وفقا لنواياها بالنسبة لشعوبها.
استكشف الفلاسفة سورين كيركيجارد (1813-1855) وجان بول سارتر (1905-1980)، وهما أكثر الشخصيات الفلسفية تأثيرا في منتصف القرن العشرين، ان التجربة المباشرة تقع في الحقل الإنساني و الفردي في العمل الاجتماعي و البيئي. في الواقع، أظهرت فلسفاتهم أن القرارات الفردية قد شوهت القيم الافتراضية. و في الأهمية التاريخية للوجودية على مدى القرون الماضية، حاول العلماء والباحثين شرح وجودنا الحالي، وقد ركزت ابحاثهم على واقع الإجهاد الحديث , الذي له تأثير مباشر على الثقافات العامة. ومع ذلك، فإن الوجودية كما هو موضح في جميع الأديان والفلسفة، تظهر استقلال كبير في حرية الإنسان, و تسمح له بتجاوز نفسه في الإبداع، والمسؤولية ،والنزاهة الشخصية. ان التفكير النقدي ذو صلة بمبادئ المنطق، والروابط المنطقية، والتخصصات العلمية التي تدرس الحجج كنتائج للمنطق, والاتصال
ان تقييم الفلاسفة مبني علي الأحكام وتحليل البيئة التاريخية, والاجتماعية على وجه الخصوص. في الواقع، يتم تنظيم الأفكار البشرية من خلال تحسين المهارات الإدراكية, والتصرفات الفكرية و المنطق الفعال. وإن لم تتاح للدول فرص لتحسين ظروفها، فإنها لن تكون متحمسة وستكون معزولة وبائسة. ان لم تشارك الحكومات أي رؤية مع شعوبها, لن يكونوا مسؤولين عن أي شيء. ذلك ما يفسر فشل الحكومات العربية في احداث التغيير والتقدم الاجتماعي, والسياسي, والتكنولوجي.
يولد البشر في عالم عظيم, ويجب عليه أن يرفع مشاعره تلقائيا لايجاد قواعد عقلانية، و أخلاقية قادرة على حماية الأمم من التدمير, والتمييز والهيمنة الثقافية. كما يجب أن يثبت الانسان نفسه في سياق أصالة الإنصاف والعقلانية. لذلك حكامنا مسؤولون مسؤولية كاملة عن أعمالهم وقراراتهم اتجاه شعوبهم.


