في سنة 671 هـ بدأ ألفونسو العاشر ملك قشتالة بإعداد العدة لإجلاء المسلمين بشكل نهائي عن الاندلس وقد فوض أمر الحروب وخوض غمار المعارك للقائد “دون نونيو دي لارا” الذي لم بخسر قط.
أوفد أبن الأحمر إلى سلطان بلاد المغرب الإسلامى “يعقوب المنصور المريني” يستنجده ويستنصره.. لم يتردد “المنصور المريني” في نصرة الإسلام واهله رغم العداء الموجود بينه وبين ملوك بني الأحمر نظرا لسفاهة ملوك بني الأحمر ودخولهم في طاعة القشتاليين لسنين عديدة.
وأمر ولده أبا زيان على خمسة آلاف مقاتل من أنجاد بني مرين ووجهه لنصرة الأندلس .
بعد أن توالت أنباء انتصارات أبي زيان إبن “يعقوب المنصورالمريني” قرر اللحاق به، وذلك في شهر صفر من سنة 674هـ ، لم يضيع المنصور الوقت فقد بادر إلى المسير من فوره نحو ثغور خصومه وأغار على القرى التي اعترضت طريقه إلى أن بلغ حصن المقورة بين قرطبة وإشبيلية فبلغ صنيعه مسامع “دون نونيو دي لارا” فحشد له جيشا عظيما واستعد لحربه ، وقد وصل عدد جنود الجيش القشتالي 90 الف مقاتل ولم يتجاوز عدد الجيوش الإسلامية مجتمعة عشرة آلاف مقاتل.
قبيل المعركة خرج البطل المجاهد “يعقوب المنصور المريني.
قائلا لجنوده كلام يكتب بماء الذهب ” أنتم أنصار الدين
، وهذا يوم عظيم ومشهد جسيم له ما بعده ، ألا وإن الجنة قد فتحت لكم أبوابها… فبادروا إليها وجدوا في طلبها ….”.
وزينت حورها وأترابها، فبادروا إليها وجِدُّوا في طلبها، وابذلوا النفوس في أثمانها، ألا وإنّ الجنّة تحت ظلال السيوف [إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {التوبة:111}. فاغتنموا هذه التجارة الرابحة، وسارعوا إلى الجنة بالأعمال الصالحة؛ فمن مات منكم مات شهيدا، ومن عاش رجع إلى أهله سالما غانما مأجورا حميدا، فـ [اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] {آل عمران:200}…..
يقول صاحب الذخيرة السنية ” فلما سمعوا منه هذه المقالة ، تاقت أنفسهم للشهادة ، وعانق بعضهم بعضا للوداع ، والدموع تنسكب والقلوب لها وجيب وانصداع ،وكلهم قد طابت نفسه بالموت”.
جيش الصليبيين 90 الف مقاتل بقيادة”نونو جونزالز دي لارا” (إل بوينو)..
جيش المسلمين 10 آلاف مجاهد بقيادة “أبو يوسف يعقوب بن عبدالحق” (المنصور)..
وعلى مقربة من قرطبة يوم 15 ربيع الأول من سنة 674هـ التقى الجمعان ،وما هي إلا غدوة وروحة حتى مزق المنصور جمع خصومه ،وفي ذلك يقول ابن أبي زرع الفاسي” ولم يكن إلا كلمح البصر حتى لم يبق السيف من الروم من يرجع لقومه بالخبر، ولم تبق منهم الرماح باقية ولم تق الدروع والمجن عنهم واقية”.
وقد نقل ابن أبي زرع أن عدد ضحاياها من المسلمين لم يتجاوز بضع مئات وأما القشتاليون فقد خسروا ثمانية عشر ألف جندي، ووقع منهم في الأسر سبعة آلاف وثمانمائة، وكان “دون نونيو ” نفسه من بين قتلى هذه المعركة فكانت خسارة قومه فيه عظيمة..
وقد غنم المسلمون في هذه المعركة ما يزيد على
مائة ألف رأس من البقر وقرابة أربعة عشر ألف رأس من البغال والحمير وعددا لا يحصى من الغنم حتى قيل أن الشاة بيعت بالجزيرة الخضراء بدرهم بالإضافة إلى الدروع والسيوف والتروس ….
وقد أمر المنصور بقطع رؤوس القتلى وتجميعها فكانت كما نقل المؤرخون كالجبل العظيم ، وصعد عليها المؤذنون ، وأذنوا للصلاة من فوقها ، وقطع المنصور رأس “دون نونيو ” وأرسله هدية لابن الأحمر لئلا يبقى في قلبه موضع لهيبة القشتاليين.

