فلسطنة القضية
رامي مهداوي
منذ الحكم العثماني حتى هذه الأيام؛ وقضيتنا الفلسطينية بيد غيرنا، وأصبح غيرنا يمتلك من التحالفات والتكيكات ما يتلائم ويتناسب مع مصالحه، وأصبحت قياداتنا الفلسطينية يتساوق كلٌ حسب مصلحته مع الدول التي تتقاطع مع مصالحه وتحافظ على مقومات حزبه.
وفي الماضي القريب، قامت الديكتاتوريات العربية بجعل القضية الفلسطينية غطاء لها، ومن القدس المظلة التي يرفعونها أمام غضب شعوبهم عليهم، فلا وقت للإنتخابات والقدس محتلة!! لا وقت للإصلاحات الإدارية ومكافحة الفساد وفلسطين سلبتها الصهيونية.
تغيرات بنيوية شهدتها المنطقة العربية في العقد الأخير، حلمت المجتمعات العربية بالربيع ليكون الخريف الفصل الدائم لها، وبين القومية والإسلامية ضاعت جميع المقاييس وبرزت الطائفية الظلامية، فإشتبكت السعودية وإيران وما يتبع ذلك من الهجوم على قطر وتدمير اليمن وسوريا وإنهيارات متنوعة في الأنظمة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية في القاهرة وبيروت وبغداد.
فواقع الأنظمة العربية ما بين حروب داخلية، وإرتباطات مع أجندات سواء كانت “صهيوأمريكية” أو محور إيراني، محور تركي، محور روسي، تتشابك وتتقاطع في بعض الأحيان بما يتلاءم كل حسب أجنداتهم التي تخدم بلدانهم أولاً وأخيراً.
للأسف أصبحت القضية الفلسطينية الضحية التي تذبح مرتين، تذبح بيد الإستعمار الإسرائيلي مرة وبيد الأنظمة العربية والإسلامية مرةً أخرى. وهنا علينا أن نميز بين نبض الشعوب العربية والإسلامية النابض معنا بكل ما يمتلك من مقدرة وما بين قياداته التي كانت تتناغم وأصبحت تتحالف مع الإحتلال للحفاظ على ذاتهم.
كل ما سبق أثر ويؤثر على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي أصبح تابع لدول مختلفة على كافة أصعدة النظام السياسي الفلسطيني المتأرجح، ويجب أن نعترف بأننا دخلنا في الحيط ولا يوجد أي أفق يلوح في الوقت الراهن، بالتالي علينا أخذ زمام الأمور بشكل سريع وقيادة السفينة الفلسطينية بيدنا لا بيد غيرنا، فغيرنا الآن يتحكم بالشراع بما يلائم الرياح التي يعاني منها للوصول الى بر أمانه.
المطلوب من القيادة الفلسطينية أن ترقص مع الذئاب وأخذ نفس عميق بتكتيكات سريعة ومدروسة قبل أن تنقض تلك الذئاب على ما تبقى من الكينونة الفلسطينية، على فخامة الرئيس محمود عباس أن يسحب يده الآن من ملف المفاوضات الذي آمن به، ووضعها بيد الشعب الفلسطيني لقيادة دفة السفينية التي تغرق بسرعة للنهوض بها.
أولى هذه الخطوات المطلوبة وبعكس ما يطالب به بعض “المثقفين” الفلسطينيين بتدويل الصراع_ لأن الصراع بطبيعة الحال هو كذلك منذ وعد بلفو_ هو فلسطنة القضية بأسرع وقت ومن أراد أن يمد يد العون بتنفيذ ما نريده من أجل تطبيق حق تقرير مصيرنا بأيدينا والمضي قدماً ببناء دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس فيدنا ممدودة دائماً وأبداً.


