فلنقتسم معا شحوب أيلول ، ونتفق على تردد غيمة ماطرة ، ونبحث معا في هذا الأصفر عن نعمة الزهد الذهبي بما ذهب من أعمارنا في تعاقب الفصول ، ونحدّق معا حين تذوي الحدائق في احتضار اخضرارها ، ونتفرّج معا على رقصة الرياح حين تلوي أعناق الزنابق ، ونتصالح معا في هذا التشابه بين خريفين .. يقتسمان اصفرارهما في شحوب الشبابيك حين تصفع زجاجها فضة الدمع في غيمة ماطرة !
قلْ لي يا خريف : اما سئمت وأنت كل عام تسخر من خرافة العمر .. وأنت تقصف أعمار أوراقها الخضراء في مهب الريح ؟
أعرف انك لن تجيب أيّها الأصفر الصامت .. لا وقت لديك لفذلكة الحياة .. وأنت تطيح باخضرارها بيدين تتقن النهايات ، وترميها بلؤم أوراقا صفراء تحت الشبابيك في هذا الاشتباك المرّ بين خضرة الحياة .. وشحوب الموت !
خريفان أنا.. وأنت يا خريف .. تعال نتفق على خريفنا .. ونحاول معا السخرية من خرافة الحياة حين تذوي في شحوب الشجر ، ولنرقص معا رقصة زوربا في رياحك ، ولا نكترث لاحتضار هذا الأخضر في حضرة حضورك ، ولنعلق هذا الزّهد الأصفر سلاسل من ذهب على أعناق الأشجار .. ونلوذ معا في غيمة ماطرة .. ونجهش بالمطر !
خريفان أنا .. وأنت يا خريف على شبّاك واحد .. يفصلنا شفافية زجاج واحد ، بين دمعتين واحدة من مطرك .. واخرى من حسرتي !


