الوشم مجموعة من الرموز والخطوط الحاملة لدلالات متعددة، وتفضل النساء وضعه غالبا على الوجه واليدين للتزيين وإثارة انتباه الرجل لما يضفيه من جمال عليها، في حين يرسمه بعض الشباب على مختلف أنحاء الجسد.
والوشم مجموعة من الرموز والخطوط الحاملة لدلالات متعددة، وتفضل النساء وضعه غالبا على الوجه واليدين، للتزيين وإثارة انتباه الرجل، لما يضفيه من جمال على المرأة، في حين يضعه بعض الشباب في مختلف أنحاء الجسد.
عن بقايا خطوط ورموز ما تزال تطبع أجزاء من وجهها، تقول رحمة الزياني (67 عاما) وهي ربة بيت وأم لستة أبناء ومن سكان مدينة مكناس (شمال) “هو عربون محبة وضعته أمي لي حين كنت في سن المراهقة”.
دلالات كثيرة
وتتابع رحمة موضحة “يحمل هذا الوشم، الذي رسم على جسدي بوخز إبر عصية على التحمل دلالات كثيرة، ومهما ارتقينا في الأسباب وعرجنا في السبل، فلن نحسن فقهها كما فعل أجدادنا، فهي رسوم بركة ورحمة وجمال ورثناها من آبائنا”.
ووجهها الذي نال منه الدهر، وخط عليه الكثير من التجاعيد، بدا غير قادر على النيل من الوشم، لا لشيء، كما تقول رحمة، إلا أن “هذا الوشم يستمد قوته من بركة الأجداد والآباء”.
وتخلص الأكاديمية المغربية إلى أن “الوشم ابتعد كثيرا عن بعده التزييني، وبات شكلا من أشكال التمرد على المجتمع، وشكلا من أشكال الثورة على القيود الاجتماعية، إنها طريقة الشباب في البحث عن شخصية مميزة، تأخذ مسافة من المجتمع الذي لا يحس أساسا بالانتماء إليه”.
أبعاد عديدة
من جهته، يرى رشيد الجرموني، وهو باحث في علم اجتماع التدين، أن “الوشم يتميز بإحالته على مجموعة دلالات، يعد البعد التزييني أهمها، فقد كان يوضع على الوجه والذراعين والساقين والجذع، وكان عبارة عن رسوم هندسية ورموز دقيقة تحيلنا على فنون الزخرفة الأمازيغية المختلفة التي تحضر في العمارة والنسيج والخزف والبعد الجنسي”.
ويوضح الجرموني أن “الوشم كان من جهة يعبر عن نضج جسماني وجنسي، وبالتالي عن القدرة على تحمل أعباء الزواج ومسؤولياته، كما أن له دور زجري (ناهٍ) خاصة عندما يوضع على مناطق غير بارزة مرتبطة بالفعل الغريزي، كالبطن والصدر والأرداف، من أجل كبح الرغبة الجنسية خاصة لدى الفتاة”.
ويضيف أن “هناك البعد الاجتماعي للوشم، حيث كان يعبر عن روح الجماعة، فقد كان له أثر على وحدة الجماعة وعلى حس الانتماء الموحد، كما أن له بعدا هوياتيا يتضح من خلاله الانتماء الاثني لواضعه”.
كما أن في الوشم بعدا سحريا كذلك “فقد كان يلعب دور التعويذات والتمائم، وكان يستخدم لدفع الأرواح وسوء الحظ”.
ويخلص الجرموني إلى أن “الوشم لم يعد يرتبط بالجانب الجمالي لدى المرأة فحسب، وإنما دخل مرحلة جديدة دخلت بدورها بنية الحداثة، حيث يعبر من خلاله الشاب عن أن الجسد ملكية خاصة له الحق في أن يفعل به ما يشاء، كشكل من أشكال العصيان المجتمعي والفردانية”.



