قال الرئيس محمود عباس: إن الإدارة الأمريكية، اختارت أن تتجاهل الإجماع الدولي، الذي عبر عنه العالم في موضوع القدس، فالقضية الفلسطينية تمر اليوم بخطورة كبيرة، بعد قرارات الرئيس الأمريكي، مؤكدًا أن القدس مدينة السلام للمسلمين والمسيحيين، ولن يتغير تاريخها العربي.
وخلال رده على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن رسميًا أن “مدينة القدس عاصمة لإسرائيل”، أكد الرئيس عباس أن هذا يعتبر إعلانًا للانسحاب من عملية السلام، التي كانت ترعاها، وتمثل مكافأة لإسرائيل التي تواصل الاحتلال و(الأبرتهيد) والاستيطان ومخالفة القانون الدولي، ويكافئ الجماعات المتطرفة التي تضرب المنطقة.
وأضاف الرئيس: إن القيادة الفلسطينية تتابع مستجدات الموقف، وتعكف على اتخاذ القرارات المناسبة بالتشاور مع الأشقاء في العالم، وتشكل هذه الحالة ضرورة لتماسكنا أكثر وتعزيز الوحدة الوطنية، وسنبقى جبهة موحدة، تدافع عن القدس، وتنتصر لحقوق شعبنا.
وتابع: سندعو الهيئات والأطر المختلفة لاجتماعات طارئة، وكذلك سندعو المجلس المركزي للانعقاد فورًا، وسندعو جميع الفصائل إليه.
وأنهى الرئيس حديثه قائلًا: “عاشت مدينة القدس عاصمة لدولة فلسطين.. عاشت القدس عاصمة عربية إسلامية مسيحية”.
وفيما يأتي النص الحرفي لكلمة رئيس دولة فلسطين:
بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”
صدق الله العظيم
أيها الإخوة المواطنون
يا أبناء الشعب الفلسطيني الشجاع والمرابط،
تمر قضيتنا الوطنية بلحظة فارقة اليوم، بعد الإجراءات التي أعلنت الإدارة الأمريكية عن اتخاذها اليوم بشأن القدس.
إن الإدارة الأمريكية بهذا الإعلان قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية، وفضلت أن تتجاهل وأن تناقض الإجماع الدولي الذي عبرت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم وقياداته الروحية والمنظمات الإقليمية خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس.
إن هذه الإجراءات المستنكرة والمرفوضة تشكل تقويضاً متعمداً لجميع الجهود المبذولة من اجل تحقيق السلام، وتمثل إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام.
كما أن هذه الإجراءات تمثل مكافأة لإسرائيل على تنكرها للاتفاقات وتحديها للشرعية الدولية، وتشجيعا لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان و”الابارتهايد” والتطهير العرقي.
كما أن هذه الإجراءات تصب في خدمة الجماعات المتطرفة التي تحاول تحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية تجر المنطقة التي تعيش أوضاعاً حرجة في أتون صراعات دولية وحروب لا تنتهي، وهو ما حذرنا منه على الدوام وأكدنا حرصنا على رفضه ومحاربته.
أيتها الأخوات والإخوة
لقد كنا خلال الأيام الماضية على اتصال وثيق مع العديد من زعماء الدول الشقيقة والصديقة ما أكد مجدداً وحدة الموقف العربي والإسلامي والدولي تجاه قضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني ومتطلبات تحقيق سلام عادل وشامل على أساس قيام دولة فلسطين السيدة المستقلة على كل الأراضي المحتلة العام 67 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب إسرائيل، وحل قضية اللاجئين وفق القرار 194 ومبادرة السلام العربية.
يا أبناء شعبنا الشجاع
إن القيادة تتابع على مدار الساعة تطورات ومستجدات الموقف وهي تعكف على صياغة القرارات والإجراءات المناسبة بالتشاور مع الأشقاء والأصدقاء.
إن هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تشكل حافزاً إضافياً لنا جميعاً لتسريع وتكثيف الجهود لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمانة انتصار شعبنا في نضاله من أجل الحرية والاستقلال.
وستشهد الأيام القادمة دعوة الهيئات والأطر القيادية الفلسطينية المختلفة إلى اجتماعات طارئة لمتابعة التطورات، ونحن بصدد دعوة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى عقد دورة طارئة سندعو إليها جميع الفصائل لتأكيد الموقف الوطني الفلسطيني الموحد، ووضع كل الخيارات أمامه.
أيتها الأخوات والإخوة
إن هذه الأرض المقدسة حيث مسرى النبي محمد(صلى الله عليه وسلم) ومهد السيد المسيح عليه السلام ومثوى سيدنا إبراهيم عليه السلام، نقول إن القدس مدينة السلام، مدينة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، مدينة كنيسة القيامة، هي القدس عاصمة دولة فلسطين أكبر وأعرق من أن يغيّر إجراء أو قرار هويتها العربية، والقدس بتاريخها الذي تنطق به الشواهد في كل بقعة من أرجائها، وبمقدساتها ومساجدها وكنائسها وبأبنائها الصامدين في ربوعها وفي أكنافها، عصية على أية محاولة لاغتيال هويتها أو تزوير تاريخها، وستُدحر أية مؤامرة تستهدفها كما فعلت هذه المدينة المقدسة على مدى حقب التاريخ الطويلة.
إن قرار الرئيس ترامب هذه الليلة لن يغير من واقع مدينة القدس، ولن يعطي أي شرعية لإسرائيل في هذا الشأن، كونها مدينة فلسطينية عربية مسيحية إسلامية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية.
يا أبناء شعبنا
بصمودنا وإيماننا بحقوقنا وبوحدتنا الوطنية، وبوحدة الموقف مع أشقائنا من الدول العربية والإسلامية الشقيقة وبالتنسيق الوثيق مع أصدقائنا من دول العالم سنبقى جبهة موحدة تدافع عن القدس وعن السلام وعن الحرية وتنتصر لحقوق شعبنا لإنهاء الاحتلال وإنجاز استقلاله الوطني.
تحية لشهدائنا الأبرار وعائلاتهم، وأسرانا الأبطال وجرحانا البواسل الذين قدموا التضحيات من أجل فلسطين والقدس.
عاشت فلسطين.
عاشت القدس عاصمة دولة فلسطين حرة عربية.


